تعاني المخيمات الفلسطينية في لبنان من ظروف إنسانية صعبة وتزايد في الاحتياجات فاقمتها الأزمة الإقتصادية التي اجتاحت البلاد منذ عام 2019 وتفاقمت مع انفجار مرفأ بيروت واحتجاز البنوك لأموال المودعين وشلل حركة الاقتصاد الداخلية والخارجية وانتشار فيروس كورونا مما أدى إلى إغلاقات متكررة في الأسواق والوظائف وفاقم من نسب البطالة ، مع ارتفاع تكاليف المعيشة والكلف التشغيلية وانقطاع الكهرباء المستمر وارتفاع أسعار الوقود والمواد الأساسية وانقطاع مصادر الرزق في لبنان بشكل عام وداخل المخيمات الفلسطينية بشكل خاص.
وصلت نسبة الفقر إلى معدلات قياسية بين اللاجئين الفلسطينيين حيث انعدمت سبل العيش في المخيمات والتجمعات الفلسطينية وتزامن ذلك مع انحسار خدمات الأونروا بسبب تراجع التمويل الدولي حيث أعلنت الأونروا بداية العام 2018 عن مواجهتها لأزمة خطيرة في توفير التمويل اللازم لاستمرارها في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين ولا سيما في قطاعي التعليم والصحة بعد قرار الحكومة الأمريكية وقف مساعداتها للوكالة الأممية.
تعمل المؤسسة في لبنان في خمس مناطق مختلفة في الوقت الحالي وبدأت نشاطها في عام 2018 لتتوسع في مخيم شاتيلا ومخيم برج البراجنة في بيروت ومخيم عين الحلوة في الجنوب ومخيم البداوي وتجمّع المنكوبين في طرابلس.
و تنفذ المؤسسة في هذه المناطق برامج تهتم بالنظافة و جمع النفايات في المخيمات، عبر برنامج النقد من أجل العمل حيث يتم توظيف طاقات الشباب العاطل عن العمل في تنظيف شوارع المخيم و جمع النفايات، بهدف مواجهة الأمراض والأوبئة والوصول لبيئة مخيمات نظيفة .كما تنفذ المؤسسة في برنامج المرأة مشروعاً لإعداد الطعام و تعليبه بطريقة سليمة و يتم تدريب الفتيات على هذا العمل و توظيفهم لإعداد سلة غذائية ليتم توزيعها على العائلات الفقيرة أو المحتاجة داخل المخيم .هذا بالإضافة إلى الأنشطة التطوعية و احياء المناسبات الوطنية و تأسيس الفرق الرياضية في كل مخيم بالإضافة إلى النشاطات التطوعية الأخرى . كما تم تأسيس معهد التدريب والتعليم المهني للشباب في خلدة حيث يقدم الخدمات التدريبية المهنية في مواضيع متنوعة مثل دورة صيانة و تركيب أنظمة الطاقة الشمسية ودورة تربية المواشي والدواجن ودورة صناعة الصابون والمنظفات ودورة الإعلام والصحافة ودورة التصميم الغرافيكي حيث قدمت فرص تدريبية للعشرات من الشباب والشابات في مواضيع مختلفة بالإضافة إلى حصولهم على منحة تشمل الأدوات الأساسية اللازمة للبدء بالعمل والتوظيف التدريبي لمدة شهر مدفوع الأجر لمساعدتهم في اكتساب خبرات عملية بعد التدريب تمكنهم من دخول سوق العمل. كما تدير المؤسسة برنامجاً تعليمياً متنوعاً في المخيمات التي تتواجد فيها.
تعمل مؤسسة جفرا في لبنان على برنامج بناء القدرات حيث استطاع كادر المؤسسة على مر السنوات بناء خبراته في العمل الإنساني والتنموي في المخيمات الفلسطينية ومما عمق من هذه الخبرة العمل على مدار الازمة السورية واللبنانية مما عزز الخبرات المحلية في العمل في أوقات النزاعات أو الطوارئ. طور فريق المؤسسة منهاجاً تدريبياً شاملاً و مكثفاً يستهدف بناء قدرات العاملين المحليين في المنظمات المحلية وعلى كل المستويات بحيث تضمن المنهاج التدريبي عدة مواضيع مثل القيادة وإدارة المنظمات والمشاريع وتحليل المخاطر وتطوير الاستراتيجيات والأساسيات الداخلية والمبادئ المالية واللوجستية والمراقبة والتقييم و تحليل الأوضاع والمخاطر والعلاقات العامة والمهارات القيادية.
فقد استطاعت المؤسسة عبر الخبرات المتراكمة النجاح في الاستمرار بتقديم الخدمات وتجاوز كل المصاعب وتفادي المخاطر من أجل ضمان استمرارية العمل وخاصة في موضوع فريق إدارة النفايات وكافة الخدمات الأساسية التي تقدمها المؤسسة داخل المخيمات الفلسطينية وخارجها.
و بهذا لا بد لنا من أن نثمّن عالياً الدور الهام والاستثنائي للفرق العاملة على الأرض في المخيمات الفلسطينية في لبنان وخاصةً لتعاملهم الجدي مع الأزمات التي تمر بها ولاسيما مع تفاقم الأزمة الصحية بسبب انتشار فايروس كورونا وتزايد معدلات الفقر والبطالة بين اللاجئين الفلسطينيين الذين أصبحت أوضاعهم أشد سوءاً بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف بلبنان وبما أن المخيمات الفلسطينية واللاجئين بشكل عام هم من الفئات الأكثر هشاشة فهم وبشكل طبيعي سيعانون بشكل أكبر من غيرهم بالإضافة إلى الفئات الفقيرة والمحرومة في لبنان.
تعمل المؤسسة وعبر برنامج تعزيز سبل العيش على إعادة ثقافة الزراعة إلى المخيمات الفلسطينية إذ تعود خلفية أغلب اللاجئين الفلسطينيين إلى الفلاحة حيث شكل الفلاحون أغلبية اللاجئين الفلسطينيين ولكن حرمانهم من أرضهم وتكدسهم في المخيمات أدى إلى ابتعادهم قسرياً عن الزراعة، على الرغم من أن العديد من اللاجئين الفلسطينيين عملوا في مجال الزراعة بعد لجوئهم إلا أن انحسار الأراضي الزراعية مقابل التوسع السكاني أدى إلى تراجع الزراعة مقابل التوجه إلى العمل الحر في المدينة وفي العمار وغيره. إلا أن بعض المخيمات التي ما تزال قريبة من الأراضي الزراعية لا زال سكانها بشكل كبير يعملون في الزراعة مثل مخيم الرشيدية.
وبهذا بدأت المؤسسة بتطوير برنامج للتدريب على الزراعة وبالذات الزراعة الحضرية في المخيمات الفلسطينية من خلال الاستفادة من بعض المساحات المتاحة داخل المخيمات بهدف تحسينها وزراعتها والاستفادة من منتوجاتها على مستوى الحي أو المحيط السكني كما تم العمل على زراعة الأسطح داخل المخيمات الفلسطينية زراعة عضوية والقيام بدورة تدريبة خاصة بموضوع الزراعة الحضرية والزراعة العامودية وأساليب الزراعة الحضرية وخصوصياتها ومحاذيرها.
يعتبر العمل الزراعي أحد وسائل العمل البيئي والثقافي والوطني إلى جانب كونه يساهم في تحسين المشهد العام في المخيمات بإدخال اللون الأخضر والمزروعات بأنواعها إلى المخيم حيث تم استخدام بعض الأسطح المزروعة في عمل .بعض النشاطات التوعوية والترفيهية مع الأطفال في مختلف أعمارهم
كما تعمل المؤسسة في لبنان على القيام بدعم مشاريع صغيرة ومتوسطة تستهدف من خلالها دعم العجلة الاقتصادية داخل المخيمات وتطوير قدراتها من خلال دورات تدريبية متخصصة في مجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى دعم مادي عبر تأمين منحة لمرة واحدة لتطوير الأعمال أو الورشات أو الفعاليات المراد دعمها وتمويلها. وقد دعمت المؤسسة إلى حد اليوم أكثر من 200 مشروع صغير ومتوسط في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة.